يوم قيل أن حزب الله يصرّ على تولي وزارة الصحة، قامت حملات سياسية كبرى، داخلية وخارجية، لتهديد الحزب ولبنان بأن هذا الأمر سيؤدي لمعاقبة وزارة الصحة واللبنانيين، وسيجعل التعامل الدولي معها ممنوعا، ولكن هذا ما لم يحصل، خصوصا بعد اختيار الوزير جميل جبق، المقرّب من حزب الله.
اليوم، مُنع وزير الصحة جميل جبق من الحصول على تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة الأميركيّة، حيث كان من المفترض ان يشارك في مؤتمر لنظرائه الوزراء يقام على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، التي سيشارك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رأس وفد لبناني رسمي. وفي تأكيد خاص لـ"النشرة" يقول مسؤول بوزارة الخارجية الاميركية أن "الوزارة لا تعلّق على تفاصيل متعلقة بحالات لتأشيرات السفر للأفراد"، وفي ذلك إشارة الى اعتبار حالة الوزير كأي مواطن لبناني يسعى للحصول على تأشيرة سفر الى الولايات المتحدة.
رغم أن وزارة الخارجية اللبنانيّة، وبحسب مصادر مطّلعة، لم تكن قد تلقّت بعد ما يؤكد الأمر او ينفيه او يبرّره، تكشف مصادر رفيعة المستوى عبر "النشرة" أن تصريح المسؤول في الخارجية الأميركية يعني أن القرار لن يُبرّر على الأرجح على اعتبار أن هذه الشؤون غير خاضعة للنقاش والتبرير.
وتضيف المصادر: "القرار الأميركي يثير الاستغراب اذ تكاد تكون المرة الأولى التي تُمنع فيها "الفيزا" عن وزير حالي يريد تمثيل لبنان بشكل رسمي في أعمال "الجمعية العامة للأمم المتحدة"، الامر الذي يشكّل رسالة غير ودّية للبنان تؤكد الموقف الأميركي المتطرّف تجاه حزب الله ولو لم يكن الأمر متعلّقا به مباشرة بل بمقرّب منه يشغل منصب وزير في الحكومة اللبنانية".
مارست الولايات المتحدة الأميركية مثل هذه الأفعال سابقا مع وفود إيرانيّة ولا تزال تمارسها حتى اليوم سواء عبر منع الحصول على تأشيرة أو تأخيرها، مع الإشارة الى أنّها قد تمنح التأشيرة خلال ساعات لوزير ايراني كانت وضعته على لائحة الإرهاب، وكانت تُفهم مثل هذه التصرفات على أنها استفزازا للإيرانيين، فهل يمكن اعتبارها كذلك في مسألة وزير الصحة، أم قد تكون رسالة اميركيّة بأنّ الضغط على حزب الله لن يبقى في إطار الحزب فقط وسيصل الى الحكومة؟.
لا ينفي وزير الخارجيّة السابق عدنان منصور هذا التحليل ولا يؤكده، ولكنه يرى بالقرار "إجحافا" و"تعسّفا" ليس بمكانه ولا يخدم العلاقات الثنائية بين البلدين، ويثير علامات استفهام كبرى، خصوصا وأنه لا يمكن اعتباره قرارا عاديا متعلقا بطلب مواطن الحصول على التأشيرة، انما يتعلق بوزير لبناني كوزير الصحة لديه مهمّة رسميّة.
ويضيف منصور في حديث لـ"النشرة": "لو أن الزيارة خاصة كان يمكن تفهّم القرار ولكن أن يتم منع دخول وزير صحة لبنان المشارك في حكومة يعترف بها كل العالم، فهذا أمر يثير الامتعاض اللبناني ولا يخدم المصالح المشتركة، ويستدعي تدخلا سريعا من قبل الخارجية اللبنانية عبر استدعاء السفيرة الأميركية في بيروت للبحث بأسبابه ونتائجه".
بالنسبة الى حزب الله، فقد علمت "النشرة" أنه لن يعلّق على الموضوع حاليا، على اعتبار أن جبق وزير في حكومة لبنان، ما يجعل المعنّي بالتعليق والمعالجة هما رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، فالقضية لا تتعلق بحزب الله بل بلبنان الرسمي وحكومته ومشاركته بأعمال جمعيّة الأمم المتحدة.
لمّح المسؤولون الأميركيون الذين يزورون لبنان بأن استمرار احتضان حزب الله في الحكومة سيؤدّي الى تعاطٍ اميركي مختلف معها، فكيف ستكون ردّة فعل لبنان الرسمي علما أن الإنصياع للرغبات الاميركية غير وارد إطلاقا في هذا العهد؟!.